بقلم حسن النجار: أمطار يوليو.. رسالة مناخية عاجلة لا تحتمل التأجيل 

المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون السياسية الدولية  

0 78٬055

بقلم | حسن النجار   

في الأول من يوليو، شهدت القاهرة ومحافظات الدلتا هطول أمطار غزيرة في مشهد نادر الحدوث خلال هذا التوقيت من العام، الذي اعتدنا فيه على طقس شديد الحرارة. لم يكن الأمر مجرد تقلب جوي عابر،

بل رسالة مناخية صارخة، وجدت طريقها إلى الشوارع والميادين، لتدق ناقوس الخطر وتدعونا جميعًا—حكومة وشعبًا—إلى وقفة جادة تعيد التفكير في واقع مناخي يتغير بوتيرة متسارعة.

لسنوات طويلة، ساد الاعتقاد بأن أنماط الطقس في مصر مستقرة نسبيًا، وأن الأمطار الغزيرة لا تظهر إلا في أقصى الجنوب أو خلال الشتاء. لكن ما حدث هذا الصيف نسف هذه القاعدة تمامًا،

وأكد أن التغير المناخي لم يعد مجرد نظرية علمية أو قضية بيئية بعيدة، بل حقيقة تعيد رسم خرائط الطقس وتؤثر مباشرة على تفاصيل حياتنا اليومية.

يرى الخبراء أن مثل هذه الظواهر، وإن كانت نادرة في السابق، إلا أن تكرارها بهذا الشكل يؤكد دخولنا في مرحلة جديدة من التغيرات المناخية،

محليًا وعالميًا. فالأمطار الصيفية الغزيرة، وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، ليست سوى بعض مظاهر هذه التحولات العميقة.

تأثير التغير المناخي بات يطال كل الجوانب: البنية التحتية، التي تواجه اختبارات صعبة في ظل أمطار لا تتناسب مع تصميمات المدن التقليدية؛ الزراعة، التي تعاني من تراجع موارد المياه وارتفاع درجات الحرارة؛ والصحة العامة، التي أصبحت عرضة لمخاطر جديدة مثل الإجهاد الحراري والأمراض المرتبطة بالتقلبات الحادة في الطقس.

ورغم أن مساهمة مصر في الانبعاثات الحرارية العالمية لا تتجاوز 1%، فإنها تُعد من أكثر الدول تأثرًا بتداعيات التغير المناخي. وقد أدركت الحكومة المصرية هذا التحدي مبكرًا،

وتبنت استراتيجية وطنية لتغير المناخ 2050، تهدف إلى تحقيق تنمية منخفضة الانبعاثات وتعزيز القدرة على التكيف مع الظواهر المناخية المتطرفة، مع التركيز على دعم قطاعات حيوية كالصناعة والزراعة والسياحة والنقل، وتطوير البحث العلمي وتحسين الحوكمة.

ومن بين الخطوات الملموسة التي اتخذتها الدولة: حماية السواحل، تطوير إدارة المياه، إطلاق برنامج “نُوفي” لجذب التمويلات الخضراء، واستضافة مؤتمر المناخ COP27 بشرم الشيخ، الذي عزز مكانة مصر كدولة ملتزمة إقليميًا ودوليًا بقضية المناخ والدعوة إلى العدالة المناخية.

إن أمطار يوليو لم تكن مجرد مشهد استثنائي، بل إنذار مبكر يدعونا إلى مراجعة جاهزيتنا وتعزيز استعداداتنا لمستقبل مناخي مختلف تمامًا عما عرفناه في الماضي.

 فالتحرك الآن لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية، تتطلب استراتيجيات مرنة، ومشروعات واقعية، ووعياً مجتمعيًا شاملاً، من أجل حماية الإنسان والأرض والحياة. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش والشعب المصرى العظيم ؟

اترك تعليق