بقلم: حسن النجار: اتفاق وشيك بين إسرائيل وحماس رغم التحفظات المتبادلة
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والمتخصص في الشؤون السياسية الدولية
بقلم | حسن النجار
يبدو أن اتفاقًا بين إسرائيل وحركة حماس بات أقرب من أي وقت مضى، بعد شهور من الجمود والمراوحة، حيث أبدى الطرفان موافقتهما المبدئية على المقترح المُعدّل لوقف إطلاق النار، وإن كان ذلك مصحوبًا بتحفظات من كل جانب.
ورغم الجدل الدائم حول أسلوبه السياسي، لعب الرئيس الأميركي دونالد ترامب دورًا محوريًا في دفع عجلة التفاوض نحو الأمام، معربًا عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى تسوية. إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة بشأن مدى قدرة هذا الاتفاق على الصمود، وحجم التنازلات التي قد يُقدم عليها كل طرف، فضلًا عن واقعية بعض الشروط المطروحة.
ويأتي الزخم الحالي في ظل ظرف إقليمي مواتٍ، خاصة بعد توقف المواجهات المباشرة بين إسرائيل وإيران منذ 24 يونيو الماضي، وهو ما فتح الباب أمام تحركات دبلوماسية نشطة شاركت فيها مصر وقطر والسعودية والولايات المتحدة، ما منح المفاوضات دفعة غير مسبوقة.
من جهة أخرى، بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد غيّر من أولوياته، معلنًا أن إنقاذ الرهائن أصبح الهدف الأول، بدلًا من السعي لتدمير حركة حماس أو إعادة الانتشار العسكري في قطاع غزة، رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدها القطاع.
أما على الجانب الآخر، فقد أبدت حركة حماس ترحيبًا ضمنيًا بالمقترح، وأعلنت استعدادها الفوري للدخول في مفاوضات تنفيذية، كما رحبت ببنود الاتفاق المتعلقة بآلية إطلاق سراح الرهائن وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، وهي بنود تحاكي نماذج هدنة سابقة أثبتت فعاليتها مؤقتًا.
لكن، ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال عوامل التهديد حاضرة بقوة، وعلى رأسها هشاشة الثقة بين الجانبين، وسجل الهدنات السابقة التي انهارت سريعًا. كما أن الفجوة في الأهداف لا تزال قائمة،
فإسرائيل تصر على القضاء الكامل على خطر حماس وتفكيك بنيتها، فيما ترفض الحركة تقديم أي ضمانات بهذا الشأن، أو القبول بشروط تعتبرها خضوعًا غير مبرر.
وتبرز كذلك الأزمة الداخلية في إسرائيل، حيث يفرض التيار اليميني المتشدد هيمنته على الحكومة، ويعارض أي اتفاقات مع حماس، في مقابل ضغوط متزايدة من قوى المعارضة والجمهور الإسرائيلي الذي يسعى لإتمام صفقة تبادل الرهائن.
وتبقى واحدة من أبرز نقاط الخلاف هي مسألة انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، ومستقبل إدارة غزة بعد الحرب، فضلًا عن الضمانات الدولية المحتملة لتنفيذ الاتفاق.
وبين مؤشرات الأمل وعوامل التهديد، تبقى فرص نجاح الاتفاق “متوسطة”، مدفوعة بدعم دولي قوي ومرونة نسبية من الطرفين، لكنها في الوقت ذاته مهددة بفعل خلافات جوهرية وعدم وجود ثقة متبادلة.
وفي النهاية، تبقى الأمنية الأكبر أن تُطوى صفحة الدماء والدمار، وأن تستعيد غزة حقها في الحياة الكريمة، بعد شهور طويلة من المعاناة.