بقلم: حسن النجار – ثورة 30 يونيو.. إحياء وطن وصناعة أمة جديدة
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والمتخصص في الشؤون السياسية الدولية
بقلم | حسن النجار
لا تنحصر عظمة ثورة 30 يونيو في كونها أنقذت مصر من قبضة أحد أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، بل تتجاوز ذلك بكثير، لتشكل نقطة تحول تاريخية وضعت حدًا لعقود من التراجع، وأرست أسسًا لدولة قوية ذات إرادة حرة، قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والمؤامرات الخارجية.
لقد نجحت الثورة في اجتثاث سرطان الإرهاب المتمثل في جماعة الإخوان، لكنها في الوقت ذاته كانت ثورة على التبعية والتخبط، على فقر الرؤية وانعدام الإرادة، على هشاشة القرار السياسي أمام رياح الفوضى العالمية. ثورة وضعت أهدافًا وطنية واضحة وسارت بخطى ثابتة نحو تحقيقها، مهما كانت التحديات جسيمة والظروف قاسية.
خطاب السيسي.. بداية الطريق
كان خطاب المشير عبدالفتاح السيسي في 2014، عقب استجابته لنداء الشعب المصري بترشحه لرئاسة الجمهورية، بمثابة بيان انطلاق الجمهورية الجديدة. لم يخف الرجل التحديات، ولم يجمّل الواقع، بل وضع يده على مواضع الخلل، وكشف بوضوح فاتورة الفوضى التي بلغت أكثر من 400 مليار دولار، محولًا دولة بأكملها إلى شبه دولة.
لكنه في المقابل، فتح باب الأمل، مشترطًا الصبر والعمل والمثابرة، مؤمنًا أن التغيير لن يتحقق إلا بإرادة الشعب. فكانت البداية الحقيقية لبناء دولة 30 يونيو، التي وضعت أهدافًا قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، وكان أولها استعادة هيبة الدولة ومؤسساتها، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار.
أهداف استراتيجية واضحة
أولاً: بناء دولة قوية
جاءت الرؤية واضحة: دولة لا تهاب المؤامرات ولا تهتز أمام العواصف، تملك أدوات الردع، وتحمي أمنها القومي الشامل، دولة لا تقبل بوجود أي كيانات موازية، تحتكر وحدها سلطة السلاح والقرار، وتسود فيها العدالة والمواطنة وسيادة القانون.
تم تفكيك البنية التحتية للإرهاب، واستعادة الأمن العام، وترسيخ مفهوم الدولة الوطنية التي لا يعلو فوقها كيان ولا يُنافسها أحد على سلطتها.
ثانيًا: بناء القوة والردع
اتخذ الرئيس السيسي قرارًا تاريخيًا بتطوير وتحديث الجيش المصري، وتسليحه بأحدث المنظومات، ليصبح قادرًا على حماية الوطن من أي تهديدات، مهما كانت طبيعتها ومصدرها.
كما جرى تعزيز قدرات أجهزة الأمن والمخابرات، لتصبح مصر واحة استقرار وسط إقليم مشتعل، قادر على مواجهة مخططات الشر بكفاءة ويقظة، بفضل رؤى استباقية عميقة واستعدادات مدروسة.
ثالثًا: معركة البقاء والبناء
خاضت مصر في عهد الرئيس السيسي معركة البقاء جنبًا إلى جنب مع معركة البناء، وهو ما انعكس على الحياة اليومية للمواطنين في صورة مشروعات قومية عملاقة، وإصلاحات هيكلية عميقة، ونقلة غير مسبوقة في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والنقل، والزراعة، والتنمية المستدامة.
لم تعتمد الدولة على المسكنات، بل واجهت الأزمات من جذورها، واستبدلت نهج الإنكار والتأجيل بنهج العمل والمواجهة. فصارت الأحلام واقعًا، والطموحات خططًا قابلة للتنفيذ، وبدأت مصر تكتب فصلًا جديدًا في تاريخها، عنوانه: النهوض والإحياء.
ختامًا.. ثورة تجاوزت فكرة الإنقاذ
إن من الظلم اختزال ثورة 30 يونيو في كونها مجرد حركة إنقاذ من حكم جماعة إرهابية. لقد كانت – وما تزال – مشروعًا وطنيًا متكاملاً لإحياء أمة، وإعادة بناء الدولة على أسس قوية وعصرية، بقيادة قائد استثنائي امتلك الرؤية، وتحلى بالشجاعة، وراهن على وعي هذا الشعب العظيم.
تحيا مصر دائمًا برجالها المخلصين، وبأبنائها المؤمنين بقضيتها.