بقلم | حسن النجار
في هذا الوطن، لا تُقرع طبول الحرب علنًا، بل تُخاض المعركة في صمتٍ عميق، خلف الستار، وفي الظلال…
معركة يومية تُحبط فيها خلية قبل أن تتحرك، وتُكسر فيها فكرة مسمومة قبل أن تنتشر، بفضل رجال لا يُعرفون بالاسم، لكنهم يشكلون جدار الدفاع الأول ضد خطر يتخفى في كل زاوية.
ما كشفته وزارة الداخلية مؤخرًا من إحباط مخطط إرهابي جديد، يُعد محطة فارقة في مسيرة الأمن المصري، ليس فقط كإنجاز أمني يُسجَّل، بل كدليل واضح على جاهزية الدولة وقدرتها على استباق التهديدات بخطوات محسوبة.
الخلية الإرهابية التي تم ضبطها تابعة لحركة “حسم”، إحدى أذرع جماعة الإخوان، وكانت تضم عناصر مدربة عسكريًا، تستهدف تنفيذ عمليات تخريبية ضد منشآت حيوية ومؤسسات الدولة. لكن أجهزة الأمن،
وقطاع الأمن الوطني تحديدًا، لم تكتفِ بالرصد، بل نجحت في اختراق هذا التنظيم وإحكام الطوق حوله قبل أن ينفّذ مخططه الدموي.
هذه ليست مجرد ضربة أمنية، بل رسالة واضحة: الدولة تعرف، وتتحرك، وتضرب قبل أن تُضرب، والردع هنا لا يأتي فقط بالقوة، بل بالعقل، وبالوعي، وبالعمل الصامت الذي لا يبحث عن الأضواء.
تحية واجبة لرجال وزارة الداخلية الذين لا ينامون، وللعيون الساهرة التي لا تظهر في المشهد، لكنها تترك أثرها في كل صباح آمن تعيشه البلاد.
اليوم، لم تعد الحرب ضد الإرهاب تقليدية؛ فالإرهاب بات يتسلل إلى العقول، إلى الهواتف، إلى التعليم، إلى المنابر والإعلام. لم تعد المواجهة مع حامل السلاح فقط، بل مع من يصوغ فكرة متطرفة ويلبسها عباءة الدين أو الوطنية الزائفة. لقد أصبحت المعركة مع الرواية المزيفة قبل أن تكون مع الرصاصة.
وكما قال الإمام الغزالي: “الفارق بين العامل والسارق هو النية، لا الفعل.” وهذا بالضبط ما يفعله الإرهاب: يسرق النية، ويُحرّف المقاصد، ويشوّه الدين، ويزرع الشكوك في كل زاوية.
ما فعلته مصر اليوم هو ترسيخ لفكر استراتيجي جديد: لا ننتظر الضربة، بل نمنعها من الأساس. لا نعالج الجرح فقط، بل نحمي الجسد كله من الإصابة. فلا مكان بعد اليوم لفكر متعفن، ولا عبور لمن يريدون إعادة الفوضى من أبواب جديدة
وهكذا، تسقط “حسم“، وتسقط معها أوهام من يظنون أن مصر يمكن أن تعود إلى الوراء. فهذه الأرض تُصنع وعيها بنفسها، وتخوض معركتها بكل أدوات الردع والفكر والانتماء، وتنتصر، في كل مرة، لأنها تعرف من تكون… وتدرك جيدًا من تُواجه.حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش ؟