بقلم | فاطمة البطل
في زمن امتلأت فيه القلوب بالضجيج، والنفوس بالضغينة، تظل بعض الكلمات القليلة، الخارجة من القلب، هي الضوء الذي ينير لنا الطريق، ويعيد إلينا جوهر الإنسان المطمئن بالله، الرحيم بخلقه.
نصيحة صادقة من القلب، وليست من دروس العلم أو صفحات الكتب، بل من مدرسة الحياة وتجاربها، تقول: “لا تكرهوا أحداً من خلق الله ما حييتم”.
ليست دعوة للتساهل في الحقوق، لكنها تذكرة بأن البغضاء لا تبني، وأن القلب الممتلئ حقدًا لا يزهر فيه خير.
كم من أناس ظنناهم أعداء، فإذا هم مرايا تعكس عيوبًا لم نكن نراها فينا.
وكم من متعالٍ علينا، كان امتحانًا في التواضع، واختبارًا لحقيقة ما في قلوبنا.
ومن افترى علينا ظلمًا، ربما كشف لنا جرحًا قديمًا كنا نتهرب من مواجهته.
هؤلاء الذين يبغضوننا بغير ذنب، هم أنفسهم من علمونا معنى الصبر، وهم من دفعونا لرفع أكفّنا إلى السماء، نناجي الله أن ينصرنا، أن يجبرنا، أن يهدينا.
فكم من موجوعٍ بكلمة صار وليًا في الدعاء،
وكم من مكسور بنظرة صار عزيزًا في رحاب الله.
القلوب التي تُؤذى ولا ترد الأذى،
النفوس التي تُجبر ولا تجبر بخاطرها أحد،
والأرواح التي تُظلم لكنها تختار السلام،
كلها نفوس عظيمة عند الله،
رفيعة في ميزان الرحمة.
لذلك لا تردوا الكره بكره، ولا تقابلوا القطيعة بمثلها.
قولوا دائمًا: الحمد لله، على كل حال، وعلى كل ابتلاء جاءنا ليربينا لا ليكسرنا.
هذه ليست دعوة للاستسلام، بل دعوة للنُبل في الخصومة، والتسامح في وقت أصبح فيه الصفح عملة نادرة.
فليكن الإنسان مرآة للسلام لا مرآة للشر،
ولنرفع شعار: القلوب البيضاء تنتصر دائمًا.. وإن تأخر النصر.