بقلم حسن النجارشؤون سياسيةمقالات ورأى

بقلم حسن النجار : إسرائيل تعيد إنتاج مآسى الحروب العالمية فى غزة 

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار الباحث في الشؤون السياسية الدولية ورئيس تحرير موقع وجريدة الوطن اليوم

بقلم | حسن النجار  

كلما تابعت على شاشة التلفاز مسيرة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، أجد نفسي أمام مشاهد تجسد أبشع صور الإجرام والبطش. فالاحتلال يستخدم كل الأساليب الوحشية لفرض سيطرته على الأرض،  

ويدفع بأصحابها الأصليين بعيدًا، حتى أصبحت غزة بفعل الضربات الجوية والهجمات الصاروخية غير صالحة للحياة الإنسانية. العالم يتابع تلك الفظائع منذ عقود،  

بينما تتأرجح مواقف الدول بين الصعود والهبوط وفقًا للتحالف غير المقدس بين إسرائيل والإدارات الأمريكية المتعاقبة، في محاولات مستمرة لإقصاء شعب كامل بماضيه وحاضره وتراثه. 

لقد اكتشفت، من خلال تأمل مشاهد العمليات العسكرية، أن خبرة إسرائيل القتالية مستمدة من الحروب العالمية الكبرى، ولا سيما الحرب العالمية الثانية، باعتبارها الأكثر قسوة في التاريخ المعاصر.  

ورغم أن أدبيات التاريخ العبري ارتبطت قديمًا بالتجارة والربا والمضاربات المالية، إلا أن التجربة أثبتت أن اليهود برعوا في كل مهنة دخلوها.  

ولعل كلمات إسماعيل صدقي باشا في أربعينيات القرن الماضي تعكس ذلك حين قال: “لا تحاربوهم حتى لا يتعلموا القتال فيجيدوه”. فقد تحول اليهودي التاجر إلى زارع متميز فوق الأرض المغتصبة، كما تحولوا إلى قوة عسكرية محترفة، بدءًا من حيث انتهت الدول الغربية التي عاشوا فيها. 

وقد طرحت هذه الرؤية من خلال مقابلة على السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية الأسبق، السفير أحمد أبو الغيط، أحد أبرز الدارسين لتاريخ الحروب العالمية. فأكد أن المعارك الكبرى في أوروبا، وأفريقيا، والشرق الأقصى،  

شكّلت مدرسة عسكرية عاش اليهود فصولها بمرارة من خلال معاناة الهولوكوست وأفران الغاز النازية. لكن المأساة أن إسرائيل طبقت تلك التجارب الأليمة على الشعب الفلسطيني، فزرعت الدمار والإرهاب فوق أرضه العربية، وكأنها تصفي حسابها مع جلاديها الأوروبيين فوق التراب الفلسطيني. 

لقد مضى أكثر من قرن ونصف من الاحتلال والاغتصاب، مارست خلاله إسرائيل كل أشكال التخريب والتفجير والتهجير القسري، في تجاهل صارخ للقوانين الدولية والحقوق الإنسانية، خصوصًا حقوق الأطفال والنساء.  

واليوم تمر المنطقة العربية بواحدة من أسوأ لحظات تاريخها، إذ يفرض الاحتلال صراعًا لا يقتصر على كونه عسكريًا، بل يمتد إلى أبعاد ثقافية وتاريخية ودينية. وبينما يقف الشعب العربي صاحب الحق،  

يواجهه صهيوني دخيل مغتصب، يفرض منطقه بالقوة، في حين لا يتجاوز رد العالم عبارات الشجب والإدانة ومظاهرات عابرة لا تردع الاحتلال. 

لقد برع الإسرائيليون في استخدام الشعارات والمصطلحات لتبرير أطماعهم، بدءًا من مقولة: “من الفرات إلى النيل وطنك يا إسرائيل”، وصولًا إلى “عربات جدعون”.  

لكن المأساة الحقيقية تتجلى اليوم في غزة، حيث تحولت طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها، “هند رجب”، إلى أسطورة إنسانية خالدة تجسد صمود أمة بأسرها.  

إن كل الجرائم التي نشهدها اليوم ليست سوى انعكاس لتجارب حربية عاتية خاضتها البشرية في القرن العشرين، غير أن الفلسطينيين، بصلابتهم وإيمانهم بحقهم، يفضحون المؤامرة الكبرى، ويثبتون أن الدم لا يمكن أن يُمحى بالتاريخ ولا أن يُصادر بالاحتلال. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المرص 

حسن النجار

حسن النجار : رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الاخبارية والكاتب الصحفي والمفكر السياسي في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية باحث مشارك - بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية وعضو لجنة تقصي الحقائق بالتحالف المدني لحقوق الانسان لدي جامعة الدول العربية والنائب الاول لرئيس لجنة الاعلام بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان الدولية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى