بقلم حسن النجار

بقلم حسن النجار: قمة بروكسل تتوج دبلوماسية الرئيس السيسي

الكاتب الصحفي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم المتخصص في الشؤون السياسية الدولية

بقلم | حسن النجار 

تمثل القمة المصرية الأوروبية الأولى، التي اختتمت أعمالها في العاصمة البلجيكية بروكسل، تتويجًا لمسار ممتد من الجهد والعمل المتواصل للرئيس عبد الفتاح السيسي على مدار أحد عشر عامًا من التعاون المثمر والبنّاء مع دول القارة الأوروبية. هذه القمة لم تكن حدثًا عابرًا،

بل محطة جديدة تؤكد نجاح مصر في بناء شبكة علاقات دولية متوازنة مع الشرق والغرب، تقوم على الندية والمصالح المشتركة واحترام الإرادة الوطنية المصرية.

منذ توليه المسؤولية، كسر الرئيس السيسي قيود السياسات القديمة التي حصرت التعاون الخارجي في دوائر محدودة، وانطلق نحو آفاق جديدة، فرفع مستوى العلاقات مع الصين إلى “شراكة استراتيجية شاملة” عام 2014 في بكين،

وأعاد بناء علاقات قوية مع دول الشرق والغرب والجنوب، مؤكدًا أن مصلحة مصر هي البوصلة الوحيدة التي توجه سياستها الخارجية.

أوروبا تنظر إلى مصر باحترام

عكست قمة بروكسل المكانة التي أصبحت تحتلها مصر في نظر دول الاتحاد الأوروبي، حيث قوبل الرئيس السيسي بحفاوة كبيرة من ملك بلجيكا وقادة الاتحاد، وعلى رأسهم أنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي، وأورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية.

كما شارك في عشاء العمل الذي أقيم على شرفه عدد من رؤساء وحكومات أوروبا من فرنسا وإسبانيا وهولندا واليونان وبولندا والدنمارك وغيرها، في مشهد يجسد التقدير الأوروبي العميق لمكانة مصر ودورها الإقليمي.

مصالح مشتركة ورؤية ثابتة

أبرز ما كشفته القمة هو إدراك أوروبا لأهمية الشراكة مع مصر، خصوصًا بعد نجاحها في وقف موجات الهجرة غير الشرعية التي كانت تهدد استقرار القارة، إلى جانب مواقفها الثابتة تجاه القضايا الإقليمية،

ورفضها لأي مساس بأمنها القومي أو ظلم للشعب الفلسطيني. وقد ظهر ذلك جليًا خلال مؤتمر شرم الشيخ للسلام، الذي ساهمت فيه مصر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين.

مصر.. واحة استقرار

تجلّت ثقة العالم في الأمن والاستقرار المصري خلال قمة شرم الشيخ، بحضور قادة أكثر من 35 دولة، بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي أشاد بمستوى الأمان في مصر وانخفاض معدلات الجريمة مقارنة ببلاده. هذه الشهادة كانت دافعًا قويًا لتوسيع التعاون الاقتصادي،

حيث أسفرت قمة بروكسل عن اتفاقيات تتجاوز قيمتها 12 مليار يورو بين قروض ميسرة واستثمارات ومنح في مجالات الطاقة والبحث العلمي والسياحة والاقتصاد.

شراكة دفاعية قوية

شمل التعاون المصري الأوروبي أيضًا مجالات الدفاع والأمن، تأكيدًا لسياسة مصر القائمة على تنويع مصادر التسليح. وقد أثمرت السنوات الماضية عن صفقات نوعية مثل مقاتلات “رافال” الفرنسية وحاملتي المروحيات “ميسترال”، ما جعل القوات المسلحة المصرية تحتل المرتبة الثانية عشرة عالميًا والبحرية السادسة بين أقوى بحريات العالم.

المتحف الكبير.. هدية العالم من مصر

استغل الرئيس السيسي القمة لدعوة القادة الأوروبيين لحضور افتتاح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر، والذي يُعد أحد أعظم المشروعات الثقافية في القرن الحادي والعشرين، إذ يضم ثلث آثار العالم تقريبًا، مما يشكل دعاية عالمية لمصر ودعمًا قويًا لقطاع السياحة.

نحو مستقبل واعد

احتوى البيان الختامي للقمة على 23 بندًا رئيسيًا و31 بندًا إضافيًا في ملحق التعاون، تؤكد جميعها أن العلاقات المصرية الأوروبية تتجه نحو مرحلة جديدة من التكامل والشراكة المتنامية، على أن تُعقد القمة الثانية في القاهرة عام 2027، بما يعكس عمق الثقة في الدور المصري القيادي بالمنطقة.

دبلوماسية متوازنة لصالح المواطن

لم تكن تحركات الرئيس السيسي الخارجية بمعزل عن الداخل، فقبل أيام من توجهه إلى بروكسل عقد اجتماعات مكثفة مع عدد من الوزراء بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، لمتابعة ملفات الأوقاف والتعليم والصحة والسياحة والطاقة.

يؤكد ذلك أن الرئيس يعمل بعقيدة واضحة عنوانها: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”، واضعًا المواطن المصري في قلب كل جهد وقرار، داخليًا كان أم خارجيًا.

بهذه الرؤية المتوازنة، يواصل الرئيس السيسي بناء جسور التعاون مع الشرق والغرب، والجنوب والشمال، لترسيخ مكانة مصر العالمية، وجعلها محور استقرار ونمو لصالح شعبها وشعوب المنطقة.

حسن النجار

حسن النجار : رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الاخبارية والكاتب الصحفي والمفكر السياسي في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية باحث مشارك - بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية وعضو لجنة تقصي الحقائق بالتحالف المدني لحقوق الانسان لدي جامعة الدول العربية والنائب الاول لرئيس لجنة الاعلام بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان الدولية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى