حسن النجار يكتب : جريمة الإسماعيلية المروعة.. طفل يقتل صديقه والضمير في صدمة


كتب | حسن النجار
في مدينة الإسماعيلية.. استيقظت القلوب على صرخة لم تعرف مثلها من قبل.. جريمة هزّت الضمير قبل أن تهزّ الشارع.. لفت نظر.. أين التربية والتوعية من هذا؟ تعيش الأسرة ولكنها مش موجودة، ونحن لا نعرف أين يذهب أولادنا ومع من يجلسون في الشارع.. بطلها طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة، وضحيتها صديق عمره.
تفاصيل الجريمة جاءت طبقا لما ورد في التحريات وتحقيقات النيابة العامة، واعتراف الطفل المشتبه به، دارت أحداثها داخل شقة في عقار سكني بحي المحطة الجديدة.. بيت قديم تتآكل جدرانه من الرطوبة وتختنق نوافذه بالتراب.. كانت البداية.. غرفة ضيقة.. فيها عصا خشبية ومنشار صغير.. وطفلان من عمر الزهور.
لم يكن أحد يتخيل أن لحظة لعب بريئة قد تتحول إلى كابوس لا يُنسى.. وأن أصوات الضحك ستنقلب إلى صمت ثقيل تملؤه رائحة الدم.
صباح يوم الأربعاء الماضي.. وفي تلك الليلة.. وقف «سيف» بوجهه الصغير المضيء وعينيه الصافيتين أمام صديقه «يوسف» الذي بدا عليه التوتر.. يحمل عصًا في يده ويضرب الأرض بعصبية.. ضربة واحدة.. كانت كفيلة بأن تُسقط جسدًا نحيلًا على الأرض الباردة..
ليبدأ بعدها مشهد لا يستطيع عقل طفل أو قلب أم أن يتحمله.. صوت المنشار الصغير كان يقطع السكون كصرخة حادة تخترق جدار الإنسانية.. التفاصيل جاءت صادمة، لم تكن تلك مجرد جريمة قتل.. بل انهيارًا لمعنى الطفولة نفسها.
تمر عدة ساعات.. وخرج يوسف من البيت يحمل كيسًا أسود يخفي فيه ما تبقى من صديقه. كانت خطواته مترددة.. تحرك حتى وصل إلى منطقة خلف «كارفور الإسماعيلية» وألقى الكيس بين الركام والمياه الراكدة.. ثم انتظر للحظات في حالة ذهول، كأنه لا يدرك أين انتهت اللعبة وأين بدأت الجريمة..
في الصباح تجمّع أهالي المنطقة حول أشلاء الصغير.. وارتجفت الأصوات.. وامتلأت العيون بالدموع، عُثر على الأشلاء، قطعة من قميص أزرق، فردة حذاء صغيرة.. وجسد بلا ملامح.. رجال الشرطة وقفوا للحظة صامتين أمام المشهد وبشاعة الجريمة.
أُلقي القبض على يوسف، لم يكن في ملامحه قسوة قاتل، بل ذهول طفل ضاع بين الخيال والواقع. جلس على الأرض، وجهه شاحب، وصوته مبحوح وهو يسأل الضابط: هو مات؟.. في محضر الشرطة والتحقيقات قال بصوت خافت:
«كنت بلعب لعبة فيها القتل.. حسّيت إني أقدر أعمل زي اللي في اللعبة.. وبعدها ما فهمتش أنا بعمل إيه».. شرح الطفل المشتبه فيه تفاصيل جريمته ومثل كيف تخلص من صديقه وأشلاء جسده، أمام محقق النيابة، وسجلتها النيابة بالصوت والصورة، وقررت حبسه على ذمة القضية وإيداعه في دار رعاية لحين إحالته للمحاكمة.
جريمة الإسماعيلية ليست فقط قصة طفل قتل صديقه.. بل قصة مجتمع يحتاج أن يحمي أطفاله من شاشات تُعلّمهم الموت قبل أن تُعلّمهم الحياة.
اقرا ايضا |