بقلم حسن النجار

بقلم حسن النجار: صلاح وليفربول علاقة وجدان لا تُكسر

الكاتب الصحفي حسن النجار رئيس تحرير الوطن اليوم والباحث في الشؤون السياسية الدولية

الوطن اليوم الإخبارية – 8 ديسمبر 2025

الكاتب الصحفي حسن النجار (7)
الكاتب الصحفي حسن النجار (7)

بقلم : حسن النجار 

لا يوجد لاعب عربي، وربما عالمي، استطاع أن يخلق تلك العلاقة الاستثنائية بينه وبين جماهير نادٍ أوروبي كما فعل محمد صلاح في ليفربول. علاقة لم تُبنَ على عدد أهداف فقط، ولا على بطولات،

بل على شيء أعمق بكثير: شعور الجمهور بأن هذا اللاعب جاء من مكان بعيد، وحمل حلمه على كتفيه، وصنع من نفسه أسطورة من العدم، ثم لم يتغير.

لكن الأيام الأخيرة وضعت هذه العلاقة أمام اختبار قاسٍ. في لحظة غير متوقعة، وجد صلاح نفسه على مقاعد البدلاء للمرة الثالثة، ثم في قلب عاصفة إعلامية بعد تصريحاته الغاضبة التي قال فيها بوضوح إن النادي «ألقى به تحت الحافلة»، وإن علاقته بمدربه آرني سلوت انهارت بطريقة لا يفهمها.

جمهور ليفربول صُدم، والصحافة الإنجليزية اشتعلت. لكن وسط كل الصخب، كان هناك شيء واحد لا يحتاج إلى تفسير: صلاح لم يتحدث كلاعب نادبٍ لحظه، بل كإنسان يشعر بأن تاريخه لا يُحترم كما يجب.

منذ أول يوم دخل فيه محمد صلاح ملعب «آنفيلد»، أدرك الجمهور أنه أمام لاعب مختلف. لاعب يلعب بلمعان العين قبل سرعة القدم، يبذل جهداً ليوفّي دين حلمٍ حمله من نجريج إلى روما، ومن روما إلى ليفربول. وحين رفع دوري الأبطال، وبطولة الدوري الغائب منذ ثلاثة عقود، شعر الجمهور أنه شريك في صناعة التاريخ لا مجرد محترف عابر.

وهكذا أصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة وجدان، لذلك كان طبيعياً أن يثور الجمهور عندما وجد أسطورته تجلس على دكة البدلاء بلا مبرر مفهوم، وتخرج من الملعب بلا تفسير.

في حديثه بعد مباراة ليدز، لم يكن صلاح غاضباً فقط؛ كان جريحاً. جملة واحدة تلخص ما شعر به «قدّمت لهذا النادي الكثير.. ولا أعرف لماذا يريد أحد أن يجعلني أتحمل كل اللوم».

كان يتحدث كإنسان، كقائد، كشخص يعرف معنى الولاء. لذلك أثّرت كلماته في الجمهور أكثر من أي تصريح آخر. كثيرون كتبوا «لا تجعلوا أسطورتنا تغادر من الباب الخلفي».

ولم يكن هذا مجرد دفاع عن نجم، بل دفاع عن قيمة: قيمة أن تظل الأندية وفية لرموزها.

منذ اندلاع الأزمة، امتلأت منصات التواصل برسائل لجماهير ليفربول:

«ليفربول بدون صلاح فريق عادي جداً»

«لن ننسى أن هذا الرجل جعلنا نصدق الحلم»

«كيف يُعامل لاعب صنع تاريخاً بهذه الطريقة؟»

وهنا يظهر عمق العلاقة، الجمهور الإنجليزي يعرف معنى رحلة صلاح. يعرف أنه جاء من بيئة متواضعة، وواجه بأدبه وصبره وأدائه كل موجات الشك، ووقف في وجه العنصرية، ووصل إلى أن يكون أحد أعظم ثلاثة هدّافين في تاريخ النادي.

يمتلك صلاح العظيم من المحبة والتقدير بين الجمهور المصري، لكن الأمر لا يخلو من بعض التناقضات.. ولهذا حديث آخر.

حسن النجار

حسن النجار : رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الاخبارية والكاتب الصحفي والمفكر السياسي في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية باحث مشارك - بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية وعضو لجنة تقصي الحقائق بالتحالف المدني لحقوق الانسان لدي جامعة الدول العربية والنائب الاول لرئيس لجنة الاعلام بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان الدولية .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى