الأخباربقلم حسن النجار

بقلم حسن النجار: لماذا نكرّم الفاشلين ونُقصي الناجحين؟

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير الوطن اليوم وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية

الوطن اليوم الإخبارية – 13 ديسمبر 2025

بقلم | حسن النجار 

نحلم وتتحقق الأحلام.. نسعى لنصعد لأعلى.. نركض فنسبق الآخرين.. لكن ماذا لو لم تتحقق الأحلام؟ ماذا لو لم نفلح في الصعود؟ وماذا إذا سبقنا الآخرون؟ هل سينتهي بنا المطاف إلى دوامة الفشل أم سنبدأ من جديد علّنا نحقق نجاحاً جديداً؟

النجاح والفشل وجهان لعملة واحدة، فالنجاح له ألف أب، بينما الفشل له أب واحد. ومع تقدم الزمان تغيّرت المقاييس وتبدّلت الأفكار، فلم يعد النجاح يُقاس بقدر الإنجاز،

بل بعدد المتابعين وكم ورق البنكنوت. وهنا يطرح السؤال نفسه: كيف كنا نرى النجاح بالأمس؟ وكيف أصبحنا نقيسه اليوم؟

يقول العالم ألبرت آينشتاين: «لا تسع إلى النجاح، وإنما كن ذا قيمة». لكن المشكلة أن قيمة الأشياء تغيّرت، وكذلك قيمة النجاح.

الدافع للكتابة حول هذا الملف كان كثرة المؤتمرات والتكريمات التي تُمنح لشخصيات من نخبة المجتمع تمتلك المظهر ولا تمتلك المحتوى. فها هو فنان شاب له جمهور عريض ويرتدي أزياء عالمية ويتنقل بين أفخر السيارات،

لكن هل يُكرّم على جودة أعماله أم لمجرد ظهوره على السوشيال ميديا؟ وتلك إعلامية لها معجبون وألتراس، تُكرّم يومياً كإحدى أهم السيدات المؤثرات، دون النظر لقيمة التأثير وما إذا كان إيجابياً أم سلبياً.

نماذج عديدة تتسلم جوائز كل يوم، وتُقدّم على أنها قدوات، دون وضع معايير واضحة للنجاح أو تحديد ما يجب أن يُقدّم للشباب من نماذج تُحتذى. أمام هذا المشهد،

يبدو أن هناك منظومة من الفشل تجتاح المجتمع، نتيجة تصدير وجوه لا تستحق، وإخفاء وجوه قادرة على إحداث التغيير لكنها تُقصى لأنها لا تنتمي إلى «الشلة» أو لأنها تتمسك بقيمها ومبادئها.

وجاءت توجيهات فخامة رئيس الجمهورية لتؤكد هذا الواقع، حين أبدى عدم رضاه عن صورة الدراما التي جذبت المجتمع لأسفل، وما حدث في انتخابات بعض الدوائر. لكن هل يُفترض أن يتابع الرئيس كل صغيرة وكبيرة؟ أم أن هناك مسؤوليات تقع على عاتق جهات أخرى؟

كم أتمنى اختفاء الجملة التي اغتالت أحلام أجيال: «ما هي طول عمرها ماشية كده»، وأن نتوقف عن استخدامها شماعة نعلق عليها الأخطاء. الأوان قد آن لنغير الطريقة والمسار، فالدول من حولنا تتقدم ومصر هي الأهم والأولى بالتطوير.

ولنا في الرياضة مثال صارخ؛ فالهزيمة المخزية لمنتخبنا في كأس العرب، وحادث وفاة السباح الشاب في بطولة الجمهورية، لا يمكن أن يمرّا دون محاسبة. ما جرى يكشف خللاً في منظومة الرياضة من اتحاد الكرة إلى اتحاد السباحة،

مروراً بمدرب غرق سباح فريقه أمام عينيه. والمثير للسخرية أن اتحاد السباحة اعتذر لوالد السباح وقرر إطلاق اسمه على مجمع السباحة!.. لا تعليق.

نحتاج إلى قدوة حقيقية للاعبين، وإلى حماية من الفساد والإهمال. وإذا لم يستقل المسؤولون عما حدث، فلابد من إقالتهم فوراً. الرياضة تحتاج إلى وقفة وجدية في الإصلاح، والقدوة موجودة في لاعب عالمي مثل محمد صلاح.

الأمر ذاته يتكرر في التعليم، فحالات التحرش والاغتصاب داخل بعض المدارس تُنذر بمنظومة تعليمية وأخلاقية تهتز من جذورها. ليست الرياضة وحدها، ولا الدراما ولا السياسة ولا الثقافة، بل كل هذه الملفات تحتاج إلى مراجعة جادة.

في الأمس كان الناجح يرفع يده، أما اليوم فأصبحنا نحن من نرفع يده ونضعه في إطار أكبر من حجمه. النجاح اليوم عنوان بلا مضمون. فيا سادة.. النجاح له معايير، فأرجوكم: سيبوا الناجح يرفع إيده.

حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المصري ورحم الله شهدائنا الابرار ؟ 

حسن النجار

حسن النجار : رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم الاخبارية والكاتب الصحفي والمفكر السياسي في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية باحث مشارك - بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية وعضو لجنة تقصي الحقائق بالتحالف المدني لحقوق الانسان لدي جامعة الدول العربية والنائب الاول لرئيس لجنة الاعلام بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان الدولية .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى