تفاصيل – أبرز السيناريوهات لحزب الله المتوقعة بعد اغتيال اسرائيل لقاداته
كتب| محمد حجازى
تمت الترجمة بمعرفة جريدة الوطن اليوم
بعد مرور شهر على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ابرز السيناريوهات المتوقعة و الحدث المفصلي الذي هزّ المنطقة، لم تتوقف سلسلة الاغتيالات التي تستهدف قيادته. فبعد فترة وجيزة من اغتيال نصرالله، قُتل خليفته المرتقب هاشم صفي الدين في غارة إسرائيلية، وذلك قبل أن يُعلن رسميا عن توليه القيادة.
مع غياب اثنين من أبرز قيادات الحزب في فترة زمنية قصيرة، تتجه الأنظار الآن إلى كيفية تعامل حزب الله مع هذه التحديات المتصاعدة. ويبرز السؤال: “إلى أين يتجه الحزب وسط هذه التحولات الجذرية والفراغ القيادي المتزايد؟”
“قيادة جماعية”
يقول الكاتب السياسي قاسم قصير في حديثه لبي بي سي إن حزب الله يعتمد حاليا على “القيادة الجماعية” ويفضل عدم تعيين أمين عام جديد حتى انتهاء الحرب. ويضيف أن جميع أعضاء مجلس الشورى يتابعون مهامهم اليومية، مما يساعد في “الحفاظ على استمرارية الحزب في ظل غياب القائد الأعلى”.
وعلى الرغم من استمرار عمليات القصف على لبنان، لم يتوقف إطلاق الصواريخ اتجاه الشمال الإسرائيلي من قبل حزب الله. ويرى قاسم قصير أن الحزب لا يزال ينجح في التصدي لهجمات إسرائيل رغم الخسائر،
بالإضافة لاستهداف المباشرة على مواقع إسرائيلية كان آخرها استهداف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب بطائرة مسيرة. وبرأي قصير أن ذلك يعود بشكل كبير إلى اعتماد الحزب على مبدأ “اللامركزية القتالية”،
حيث تعمل المجموعات المختلفة وفقا لخطط عامة تم وضعها مسبقا، مما يخلق “تنسيقا فعالًا بين العمل العسكري وإطلاق الصواريخ والسياسة العامة للحزب”.
في شمال إسرائيل، أكثر من 60,000 شخص تعرضوا للتهجير نتيجة إطلاق صواريخ من قبل حزب الله، إذ تعتبر الحكومة الإسرائيلية إعادة هؤلاء النازحين إلى منازلهم من الأولويات الأساسية
وفي لبنان، نزح أكثر من مليون وأربع مئة ألف شخص بسبب الضربات الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل أكثر من 2600 شخص بحسب تقديرات وزارة الصحة اللبنانية.
يُصنَّف حزب الله، الذي يحظى بدعم وتمويل من إيران، “منظمة إرهابية” في دول غربية عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكذلك بعض الدول العربية. بينما تعتبر الحكومة اللبنانية حزب الله “مجموعة مقاومة شرعية” ضد إسرائيل ولها كتلة برلمانية في مجلس النواب اللبناني.
تحديات جديدة في ظل غياب قيادة الحزب
يقول الصحافي في جريدة “النهار” اللبنانية إبراهيم بيرم، الذي تابع لعقود توجهات وأخبار حزب الله، إن مقتل حسن نصر الله، وعلى الرغم من كونه حدثا استثنائيا، لكنه “لن يُغيّر من التزام حزب الله بالمواجهة ضد إسرائيل،
خاصة مع استمرار الحرب على غزة”، ويتوقّع أن يواصل الحزب “السير على النهج الذي رسمه نصرالله، وفاءً لما كان يمثله”.
وعلى الصعيد الداخلي اللبناني، يرى بيرم أن “المشاعر تباينت بين من شعروا بالشماتة ومن اعتبروا مقتله ضربة قاسية لحزب الله”. لكن على مستوى الحدث بنفسه،
يقول بيرم إن “نصر الله كان يعلم أن مصيره قد يكون مشابها لمصير قادة سابقين في الحزب مثل عباس الموسوي- الأمين العام السابق لحزب الله-،
حيث كان يُعتبر”مشروع قتيل بحكم مواجهته المستمرة لإسرائيل”، حسب قوله. وكانت إسرائيل قد اغتالت عباس الموسوي عام 1992.
يرى الأستاذ الجامعي والكاتب محمد علي مقلد في تصريحاته لبي بي سي أن ما يحصل قد يمثل فرصة لحزب الله للعودة إلى “موقع أكثر اعتدالا والسعي إلى تسويات تمكن الدولة اللبنانية من استعادة سيادتها على كامل أراضيها”.
كما يعتبر أن مقتل نصرالله والأحداث الأخيرة التي شهدها الحزب قد تفتح “بابا للحل السياسي في لبنان، بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وضمان حماية عناصر حزب الله اللبنانيين بعد تخليهم عن مشروع إيراني لا ينتمي للبنان”.
الموقف الإيراني
في أوائل أكتوبر /تشرين الأول جاء الرد الإيراني على مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية، إضافة إلى القائد في الحرس الثوري عباس نيلفوروشان،
بشن نحو 180 صاروخا باتجاه إسرائيل، ووصفت إيران الهجوم بأنه “انتقام”. وقالت مصادر الحرس الثوري إن الصواريخ استهدفت ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية.
وفي ظل تصاعد التوتر في المنطقة، يسعى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حاليا لوقف إطلاق النار عبر حملة دبلوماسية إقليمية، لكنه يواصل انتقاد “الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل وتقاعس الأمم المتحدة عن وقف التصعيد”.
وسارعت إيران إلى التأكيد على أن مقتل نصر الله وصفي الدين لن يؤثر على قدرة حزب الله أو موقفه في المنطقة، مشددة على استمرار قوة الحزب ونفوذه رغم هذا التحول في القيادة،
إذ قال القائد الأسبق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، أحمد وحيدي: “لقد درب حزب الله العديد من القادة، وكل قائد يستشهد يأتي قائد آخر إلى الميدان”.
في حين اعتبر رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون أن “مقتل نصر الله خطوة كبرى إلى الأمام بالنسبة للشرق الأوسط”.
“شخصية استثنائية”
حسن نصرالله رجل دين شيعي تولى قيادة حزب الله عام 1992، إذ أسهم في تحويله إلى أحد أهم الأحزاب السياسية في لبنان. وُلد في عام 1960 في أحد الأحياء الفقيرة في بيروت،
وانضم إلى حركة أمل في سن مبكرة. بعد الثورة الإيرانية، أسس حزب الله بدعم من إيران، وأصبح شخصية محورية في حركة المقاومة ضد إسرائيل.
وازدادت شعبيته بشكل كبير بعد انسحاب إسرائيل من لبنان في عام 2000 وحرب 2006. ثم تحوّل نصر الله إلى شخصية ذات بعد إقليمي لا سيما بعد انخراط حزب الله في القتال داخل سوريا مما أدى إلى انقسام حاد في المنطقة وفي الداخل.
رغم الانتقادات، نجح نصر الله في ترسيخ نفوذ الحزب في السياسة اللبنانية، وكان يعتبر أحد أبرز القادة السياسيين والعسكريين في لبنان.
يتوقع مقلد أن غياب نصر الله عن الساحة السياسية قد يقسم حزب الله إلى “تيار متطرف صغير، بينما يعود القسم الأكبر إلى حضن الدولة اللبنانية وترك المشروع الإيراني”. ويرى أن الحل الوحيد هو العودة إلى الدولة والابتعاد عن الحروب.
أما بيرم فيرى أن “الطلاق بين الحزب والمشروع الإيراني غير وارد”، فالحزب على حد قوله جزء لا يتجزء من محور المقاومة “وبدون ذلك لن يكون هناك مبرر لوجوده، والفصل بين الاثنين حتى الآن ليس واردا لدى الحزب”.
وعن وضع الحزب حاليا في ضوء التطورات الميدانية واغتيال نصر الله وصفي الدين، يقول بيرم إن
“الحزب لا يرى أنه هُزم في المعركة، بل على العكس، أن وضعه أفضل سياسيا وعسكريا، وأنه استطاع تجاوز الكثير من تداعيات المرحلة الماضية بعد اغتيال أمينه العام. الحزب يرى أنه في الميدان البري، الكلمة العليا له وليس لإسرائيل، وبالفعل هو يواجه بشراسة وضراوة”.
السؤال الأهم بالنسبة للصحافي إبراهيم بيرم يتمحور حول خليفة نصر الله في المستقبل، والتحدي الأكبر هو ما إذا كان هذا الخليفة ستكون “شخصيته تتمتع بكاريزما مشابهة لنصر الله”،
ويكون “قادرا على إدارة الحزب وضبطه مثل نصر الله، الذي كان ذات شخصية استثنائية وقادرة على توحيد الصفوف”.