بقلم حسن النجار: حالة من الارتياح تعم الأرواح مع قرب قدوم شهر رمضان  

الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم

0

بقلم | حسن النجار  

مع اقتراب شهر رمضان، يبدأ عبيره يتسلل في الأفق، يملأ الأجواء بشذى من الإيمان والرحمة والطمأنينة، وكأن العالم بأسره على موعد مع لحظة تجديد الروح، شهر رمضان ليس مجرد وقت للعبادة،  

بل هو رحلة إنسانية عميقة، تعيد للنفوس تعبها وتنهض بها من جديد، تهفو القلوب المتعبة، وتتوق الأرواح المنهكة إلى هذا الشهر الكريم، الذي يُحيي فينا كل معاني الأمل، ويغسل عنّا هموم الحياة وصخبها.  

فرحةٌ غير عادية تلوح على الوجوه، وحالة من الارتياح تعم الأرواح مع قرب قدوم هذا الشهر الفضيل، الشوارع تتزين بالأنوار والفوانيس، والمنازل تستعد لاستقبال ضيوفها الأعزاء بكل حب وأمل،  

الجدران تتوشح بألوان الفرح، والمطابخ تنبض بالحياة، حيث يبدأ الجميع في تجهيز الولائم والعزومات، بينما الأعين ترقب لحظات الإفطار بلهفة، والقلب يسبح في بحور من الدعوات الطيبة. 

لقد بدأ الإعداد لهذا الشهر المبارك قبل موعده بكثير، حيث سادت أجواء من التحضير المبكر للعزومات واللقاءات العائلية التي غابت بسبب مشاغل الحياة اليومية، الترتيبات تسير على قدم وساق،  

والقلوب تملأها الأماني بعودة الأوقات الجميلة التي كنت نتوق إليها، سهرات السحور، التي لا تقتصر على الطعام فقط، بل على المحبة والمسامحة التي تجسدها الأوقات التي تجمع الأهل والأصدقاء حول مائدة واحدة.  

رمضان هو ذلك الفاصل الزمني الذي يعيد لنا توازن حياتنا، ويُذكرنا بالقيم الإنسانية الأصيلة، هو الفرصة التي ننتظرها للتقارب والتراحم، حيث تختفي من القلوب كل التباينات وتذوب الأضغان، 

 إنها فرصة حقيقية لصلة الرحم، لنجتمع في أوقات مباركة تحت سقف واحد، نتبادل الكلمات الطيبة، ونمحو من قلوبنا ما علق بها من ضغائن أو خلافات.  

الشوارع لم تعد كما كانت، فقد بدأت تتعطر بأجواء هذا الشهر الذي يروي القلوب بالسلام الداخلي،  

ومع كل يوم يمر، تزداد المساجد استعدادًا لاستقبال المصلين، وتبتهج الأحياء بروائح العطور التي تملأ الفضاء، وتدق الأجراس إيذانًا بمجيء لحظات السكينة،  

الكل يتهيأ لاستقبال هذا الضيف العزيز الذي لا يأتي إلا مرة في السنة، ولكن أثره يمتد طويلاً، كالعطر الذي يبقى في الأرجاء.  

في رمضان، لا نجد أنفسنا فقط في حالة من الصوم عن الطعام والشراب، بل هو صوم عن مشاغل الحياة، صوم عن القسوة، صوم عن القلوب التي تاهت في صراعات الدنيا،  

إنه الشهر الذي يُجسد فيه الحب والتراحم، وتفتح فيه القلوب لاستقبال المعاني الجميلة التي قد تكون غابت عنها طوال العام.  

وأما الأجواء، فهي ببساطة لا يمكن أن تكون سوى أجواء من الأمل والتفاؤل، ذلك الأمل الذي يترسخ في النفوس مع كل يوم يمر من أيام هذا الشهر المبارك، الكل ينتظر لحظة الإفطار،  

ينتظر الفرح الذي يسكن قلوبهم في هذا الشهر الذي أصبح رمزًا للسلام الداخلي والطمأنينة.  

هكذا هو رمضان، شهر العودة إلى الذات، شهر تجديد الروح، شهر الفرحة الحقيقية التي تملأ القلوب بسلام دائم. 

فظ الله مصر – حفظ الله الوطم – حفظ الله الجيش – 

اترك تعليق