بقلم: حسن النجار
يتبادر إلى الأذهان سؤال منطقي: هل هناك من يفتعل الأزمات عمدًا، ويستغلها لخدمة أهداف خاصة؟ والإجابة بكل وضوح: نعم. هناك من يصنع الأزمة، ويهيئ لها البيئة المناسبة لتتفاقم،
حتى تتحول إلى حالة مستمرة من الفوضى تهدد استقرار الأوطان، وتستنزف مقدرات الشعوب، وتفتح الأبواب أمام نزاعات، سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة، تدخل بالدول إلى نفق مظلم لا نهاية له.
إن أصحاب الأجندات الخاصة – سواء كانوا دولًا أو جماعات – لا يُعيرون اهتمامًا للجوانب الإنسانية أو القيم الأخلاقية. فهم لا يترددون في استغلال المجتمعات، وضرب استقرارها الداخلي، وتفكيك نسيجها الوطني،
عبر زرع الفتن، واستهداف الثوابت التي نشأت عليها الشعوب، والتي صنعت حضارات راسخة في عمق التاريخ.
وتبقى صلابة الشعوب ووعيها من أكبر التحديات التي تواجهها تلك الأجندات المشبوهة، لذلك يسعون جاهدين لنشر الشائعات، والطعن في الوطنية، والطعن في مفهوم الدولة القومية.
ويُستغل الحديث الديني المنحرف للتأثير على عقول من يفتقدون المعرفة، ويتم استقطابهم ليتحولوا إلى أدوات تروج لأفكار متطرفة وشائعات هدامة تستقطب النفوس الضعيفة.
ورغم ما تحقق من إنجازات في مسيرة بناء الدول، يبقى العزم على خلق الأزمات ونشر الفوضى قائمًا في خطط الجماعات والدول الممولة لها، فهم لا يتحركون عشوائيًا، بل وفق سيناريوهات مدروسة تهدف إلى الوصول لمآربهم. وإن توقفوا في مرحلة ما، فذلك ليس تراجعًا، بل نوع من “الصمت الاستراتيجي” الذي يسبق العاصفة.
جماعات الظلام تتقن التلون، ولا تؤمن بالاعتدال، بل تبرر التطرف بحسب الظرف والزمان. وعندما تتغير الأوضاع، تجدهم يتحالفون مع من كانوا يعادونه بالأمس. فلسفتهم انتهازية،
والغاية عندهم تبرر الوسيلة، ولا ثوابت تحكم مواقفهم، سوى تحقيق أهدافهم بأي طريقة ممكنة.
وما يثير الدهشة، هو أولئك الذين يدعون إلى التصالح والمهادنة مع من لوثت أيديهم صفحات التاريخ بدماء الأبرياء. إن الذاكرة الجمعية لا تنسى، والمواقف المؤلمة لا تمحى،
لذا فإن الخروج من الأزمات مرهون بمدى الوعي الشعبي، والقدرة على فهم التحديات والتعامل معها بإرادة صادقة.
إن خلق الأزمات المتعمدة يهدف إلى زعزعة الثقة بين أبناء الوطن، وإضعاف هيبة الدولة ومؤسساتها. وحين يفقد الناس إيمانهم بمؤسساتهم، يصبح الخروج عن السياق سلوكًا مبررًا، ويتحول الاستقرار إلى فوضى قد تفضي إلى سقوط الوطن وضياع مستقبله.
ولكن تظل “راية الوحدة” أقوى من كل هذه المؤامرات، فهي القادرة على إذابة الأزمات في بوتقة الوطنية،
ودحر محاولات هدم الدولة ومؤسساتها. ورغم محاولات الإرباك الفكري المستمرة من جماعات الظلام، فإن وعي الشعوب وصدق الانتماء سيظل هو الحصن المنيع ضد من يسعون لاختطاف الأوطان.
ودّي ومحبتي لوطني وللجميع.