بقلم حسن النجار: التربية قبل التعليم.. رقابة دائمة على المدارس الخاصة
الكاتب الصحفي والمفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون السياسية الدولية
الوطن اليوم الإخبارية – 6 ديسمبر 2025
بقلم | حسن النجار
كلما وقعت جريمة جديدة في مدرسة خاصة، سارعت وزارة التربية والتعليم إلى وضع المدرسة تحت إشرافها.
هذا الأمر يدعونا إلى أن نتوقف أمام شيئين: أولهما أن الذين غيّروا اسم الوزارة من «المعارف» زمان إلى «التربية والتعليم» الآن قصدوا أن يقدموا كلمة «التربية» في مسمى الوزارة على كلمة «التعليم» وكان القصد واضحاً بما يكفي، وبما لا يحتاج معه إلى شرح ولا إلى تفسير.
إنني أتصور تربية بغير تعليم، ولكني لا أتخيل تعليماً بغير تربية لأن الشخص الذي حصل على نصيب معقول من التربية بغير تعليم هو شخص صالح للعيش في أي مجتمع، ولكن الشخص الذي حصل على أعلى تعليم بغير تربية هو شخص هادم للمجتمع، وهو شخص قد ينفعه تعليمه في حياته العملية، ولكنه لا ينفعه في التعامل مع الناس.
وهذا ما أدعو وزير التربية والتعليم إلى الانتباه له في كل لحظة، بل أدعو الدولة بكل أجهزتها المعنية بالأمر لأن التعليم أخطر من أن نتركه للوزير المختص وحده، فالتعليم ليس مكانه المدرسة وحدها، ولكن مكانه يمر قبل المدرسة بالبيت، والنادي، والجامع، والكنيسة، والشارع، ثم يمر بما هو أهم وأخطر: الإعلام.
وأما الشيء الثاني فهو خاص بإشراف الوزارة على التعليم الخاص، وهو إشراف لا يتم كما لاحظنا خلال الفترة الأخيرة إلا إذا وقعت في المدرسة جريمة!.. هذا خطأ يضاف إلى ما سواه مما نجده في حياتنا كل يوم.. إن إشراف الوزارة لا بد أن يكون قائماً في كل الأوقات،
وسواء وقعت جريمة أو لم تقع. والقصد بالإشراف ليس ضم المدارس الخاصة إلى الحكومة، ولكن القصد أن تكون للوزارة وظيفة رقابية لا تنام، وأن تكون المدارس كلها حكومية وغير حكومية أمام مثل هذه الوظيفة الرقابية سواء.
وإلا.. فهل نتصور أن بنكاً أجنبياً، أو خاصاً، أو مشتركاً، يمكن أن يمارس عمله داخل البلد بغير رقابة من البنك المركزي لا تختلف عن رقابته على بنوك الحكومة؟.. لا يحدث هذا أبداً ولن يحدث.. وقد قرأنا مؤخراً عن غرامة مليارية من البنك المركزي على بنك أجنبي يعمل في المحروسة،
ولم يكن أمام البنك إلا أن يدفع الغرامة أو يغلق أبوابه ويغادر. وكان المعنى في الواقعة أن البنك المركزي يراقب بنوك الحكومة بإحدى عينيه، ويراقب أي بنك غير حكومي بالعين الأخرى، أو هو كالذئب الذي قال فيه الشاعر: «ينام بإحدى عينيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجعُ!».
تحتاج وزارة التربية والتعليم إلى أن تكون كالذئب، أو كالبنك المركزي، وليس لها أن تنتظر وقوع جريمة لتضم المدرسة إلى مظلة الرقابة التي لا بديل عنها.. لا بديل.. وإلا فسوف نجد أنفسنا أمام أجيال تعلمت جيداً ولكنها بلا أي تربية!.
حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المصري ورحم الله شهدائنا الابرار ؟






