بقلم حسن النجار: زيارة ترامب للخليج.. سلام غامض في غزة وعيون على الثروات
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون السياسية الدولية
الشؤون السياسية الدولية – بقلم: حسن النجار
في خضم جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة إلى بعض دول الخليج، والتي حملت في طياتها ملفات سياسية واقتصادية شائكة، تبرز تساؤلات عدة حول حقيقة أهداف هذه الزيارة، خاصة مع تعثر مفاوضات التهدئة في غزة، وتمسك فصائل المقاومة بمواقفها الرافضة لنزع سلاحها أو التخلي عن القطاع.
الزيارة، التي وصفها ترامب بـ”التاريخية”، شملت السعودية والإمارات وقطر، وغابت عنها دول محورية في المشهد الإقليمي مثل مصر والكويت. وهو ما يفتح باب التحليل أمام غياب واضح لمن يعارضون بشدة خطط التهجير أو يرفضون التطبيع دون حلول حقيقية للقضية الفلسطينية.
السلام.. لكن بأي ثمن؟
تصريحات ترامب التي تحدث فيها عن “حق سكان غزة في الحياة بسلام”، بدت للبعض محاولة لتحسين صورته دوليًا في ظل الانتقادات المتزايدة تجاه إدارته، خاصة بعد الضغوط الدولية الرافضة لأي خطة تهجير للفلسطينيين خارج القطاع، والتي لاقت اعتراضًا حادًا من دول الجوار مثل مصر والأردن.
ومع فشل الجهود الأميركية في احتواء التوتر بين الهند وباكستان، وتكبد القوات الأميركية خسائر في المواجهات مع الحوثيين، يرى مراقبون أن ترامب يسعى عبر هذه الجولة لتعويض إخفاقاته العسكرية والدبلوماسية، وتقديم نفسه كصانع سلام ومهندس شراكات اقتصادية ضخمة في الشرق الأوسط.
خطة غزة.. وصاية دولية وسلاح تحت الرقابة
من خلال قراءة المشهد الإقليمي، بدأت تتضح ملامح خطة دولية تتداولها الكواليس، ترتكز على إعلان غزة “منطقة منزوعة السلاح”، ووضعها تحت وصاية دولية من خلال قوات حماية سلام. الهدف الظاهر هو وقف القتال، وضمان الإفراج عن الأسرى، وتحقيق إعمار شامل للقطاع، بدعم عربي ودولي.
لكن في المقابل، يرى محللون أن المستفيد الأكبر من هذه الصيغة هو الجانب الإسرائيلي، الذي سيضمن أمنه، ويواصل تمدده الاستيطاني بهدوء.
الخطة كما تتداولها الدوائر الدبلوماسية، تقترح الإبقاء على العمل السياسي لحركة “حماس” خارج غزة، وتسمح بوجود سلاح خفيف تحت إشراف دولي، في مقابل تمديد الهدنة لفترات طويلة، ما قد يخلق واقعًا جديدًا أشبه بإدارة مؤقتة برعاية المجتمع الدولي.
لماذا غابت مصر والكويت؟
غياب مصر والكويت عن الزيارة لم يكن بلا دلالة. فموقف البلدين من القضية الفلسطينية واضح ومعلن. فمصر رفضت مرارًا مخطط تهجير الفلسطينيين، وشاركت في جهود التهدئة وإعادة الإعمار، فيما تتمسك الكويت بعدم التطبيع قبل تسوية عادلة وشاملة.
ويرجح متابعون أن الإدارة الأميركية قد فضّلت استبعاد الدول التي قد تعارض مشاريع إعادة التوزيع الجغرافي أو تمارس ضغطًا لعدم تمرير تسويات غير عادلة.
ما وراء الاقتصاد؟
في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال أن جولة ترامب ركزت أيضًا على الجانب الاقتصادي، حيث شهدت لقاءات مع كبار رجال الأعمال، وطرحت خلالها صفقات وشراكات، كان من أبرزها ما أُعلن في منتدى الأعمال السعودي الأميركي. لكن، يتساءل البعض: هل جاءت السياسة كغطاء لتلك الصفقات، أم أن المال أصبح بوابة العبور لأي مشروع سلام محتمل؟
في النهاية..
تظل كل السيناريوهات مفتوحة، والمواقف مرهونة بردود الفعل الشعبية والفصائلية والرسمية. لكن المؤكد أن جولة ترامب الأخيرة فتحت صفحة جديدة في المشهد الإقليمي، تطرح تساؤلات أكثر مما تقدم إجابات، في وقت يشتعل فيه الحاضر وتتقاذف الأجندات المستقبل.