بقلم حسن النجار : لا تكن من سكان الظلال.. ابحث عن النور رغم العتمة
المفكر السياسي حسن النجار عضو المكتب الفني للشؤون السياسية والباحث في الشؤون الشياسية الدولية
بقلم | حسن النجار
في مشهد الحياة المتعدد الألوان، يختار كل إنسان زاويته التي يرى منها العالم، فبينما يسعى المتفائل خلف بصيص الأمل، يجلس المتشائم في زواياه الرمادية، يعدّ التشققات في جدار الأيام، متجاهلًا النور المنبعث من النوافذ.
المتشائم ليس دائمًا فاقدًا للبصيرة، لكنه كثيرًا ما يختار الزاوية التي تُظهر النقص وتخفي الجمال، فهو لا يرى من الزهرة إلا ذبولها، ولا من السماء إلا غيومها، يتعامل مع كل فرحة بحذر مفرط، وكأنها فخّ ينتظر الانهيار.
هو لا يرفض الحياة، بل يخشاها، ويخاف أن تُخلف له خيبة أخرى، فيسبقها بقلق دائم، وانكماش يُطفئ وهج اللحظات الجميلة قبل أن تبدأ، فيُطفئ الشمعة خوفًا من انطفائها، ويغلق النوافذ حتى لا يرى غروب الشمس بعد شروقها.
الخطورة الحقيقية لا تكمن في تشاؤمه وحده، بل في قدرته على نقل هذه العدوى للآخرين، فتذبل الأرواح من حوله، وتخفت أنوار كانت يومًا متقدة، فهو لا يكتفي بالبقاء في ظلّه، بل يصنع حوله سحابة رمادية تُعكر صفو الأمل.
الحياة ليست مثالية، نعم، لكنها ليست مظلمة بالكامل، فهي مزيج دقيق من النور والظلال، من الفرح والحزن، من الألم والتعافي. ومن يرفض رؤية هذا التوازن، يحكم على نفسه بالبقاء في نصف المشهد فقط.
فلنحذر أن ننزلق إلى عالم المتشائمين، ولا نخلط بين الحكمة والخوف، ولا بين الواقعية والتشاؤم. فكل صباح يمنحنا فرصة جديدة لرؤية الحياة بعيون أكثر صفاء، شرط أن نختار العدسة التي تُظهر النور لا الظلال.
كن من صُنّاع الضوء، حتى في أكثر لحظاتك ظلامًا، فالنور لا يغيب، فقط يحتاج إلى الالتفات.