بقلم حسن النجار.. المفاوضات طوق النجاة من الانفجار الكبير بالمنطقة
المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير جريدة الوطن اليوم والباحث في الشؤون السياسية الدولية
✍️ بقلم: حسن النجار
العودة للمفاوضات.. طوق النجاة الوحيد من الانفجار الكبير – تشهد الأروقة السياسية والعسكرية حالة من الارتباك البالغ داخل الإدارة الأمريكية، مع تصاعد التوتر في الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى إمكانية تدخل واشنطن بشكل مباشر في النزاع، عبر توجيه ضربات لمواقع ومنشآت نووية إيرانية.
فمنذ عودته من قمة مجموعة السبع، بدا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتجه نحو التصعيد، متحدثًا عن استسلام إيران دون شروط. إلا أن مؤشرات عديدة وتسريبات لاحقة كشفت عن انقسام حاد داخل فريقه الاستشاري، وتحذيرات من أن أي عمل عسكري ضد طهران يحمل في طياته مخاطر جسيمة على أمن واستقرار المنطقة بأكملها.
ورغم التصريحات النارية المتكررة من ترامب بشأن حشد القوات والأساطيل، ونشر قاذفات “B-52” وحاملات الطائرات بالشرق الأوسط، إلا أن الأوضاع على الأرض تكشف عن حرب نفسية واضحة تمارسها واشنطن، هدفها الضغط على إيران للتراجع أو القبول بالعودة إلى طاولة التفاوض.
لكنّ تعقيد القرار الأمريكي يرجع إلى جملة من الأسباب، أبرزها تهديدات طهران باستهداف القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على حلفاء واشنطن، إلى جانب المخاوف من اندلاع كارثة بيئية أو نووية في حال استهداف مواقع مثل مفاعل “فوردو”.
أما اقتصاديًا، فإن التلويح الإيراني بإغلاق مضيق هرمز أو تلغيمه يهدد بارتفاع كارثي في أسعار الطاقة، وانعكاسات سلبية على الأسواق العالمية. ولعل هذه المعطيات جميعها تفسر موقف الحذر الأمريكي وحرص البيت الأبيض على إبقاء باب التفاوض مواربًا، رغم التلويح بالعصا الغليظة.
على جانب آخر، يبدو أن الدول الكبرى، وفى مقدمتها روسيا والصين، تتابع مجريات الحرب بعين القلق، خشية من نتائج تعزز النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، بما يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية ومشروعاتها الحيوية في الشرق الأوسط.
في الوقت ذاته، تتصاعد الضغوط الدولية لوقف الحرب، والعودة إلى المسار الدبلوماسي باعتباره الخيار الوحيد المتاح لتفادي سيناريوهات الدمار الشامل. وقد برزت في الأيام الأخيرة اتصالات غير معلنة بين المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط “ستيف ويتكوف” ونائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بما يشير إلى وجود حراك سري نحو تهدئة الصراع وتهيئة الأجواء لتسوية سياسية.
إسرائيل، التي شنت الحرب على إيران في انتهاك واضح للقوانين الدولية، تعاني من ضربات صاروخية غير مسبوقة طالت تل أبيب وحيفا ومدنًا أخرى، وأسفرت عن دمار هائل وخسائر بشرية واقتصادية،
ما دفع العديد من الدول إلى دعوة رعاياها لمغادرة إسرائيل، في ظل تفاقم حالة الهلع وسقوط القبة الحديدية أمام كثافة الصواريخ الإيرانية.
إن الولايات المتحدة تدرك أن المجازفة بتوجيه ضربة قاصمة لإيران قد تفتح أبواب جهنم، وتُدخل المنطقة في نفق دموي طويل، لن تُحمد عقباه. ومن هنا، فإن نهاية هذه الحرب تقترب ليس عبر صواريخ أو قاذفات، بل عبر مفاوضات “الفرصة الأخيرة”.
ختامًا، يبقى المؤكد أن قرار التصعيد الأمريكي ما زال معقدًا، محفوفًا بالمخاطر، ويواجه رفضًا دوليًا واسعًا، ليصبح الخيار الأقرب هو إعلان وقف الحرب بزعم تحقيق أهدافها، والعودة إلى طاولة المفاوضات، إنقاذًا للمنطقة من الانفجار
تحيا مصر. حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش