بقلم حسن النجار: صوت المواطن يبني الجمهورية الجديدة
المفكر السياسي حسن النجار رئيس تحرير الوطن اليوم وعضو المكتب الفني للشؤون السياسية
بقلم | حسن النجار
تُمثل انتخابات مجلس النواب، بوصفه الممثل الشرعي للإرادة الشعبية والسلطة التشريعية والرقابية، محطة فاصلة في مسيرة الوطن، وليست مجرد استحقاق دستوري دوري. فهي لحظة تجديد الثقة بين الدولة والمواطن، وفرصة لترسيخ مبادئ “الجمهورية الجديدة” التي تقوم على الوعي والمشاركة والمسؤولية المشتركة في بناء المستقبل.
وفي ظل المتغيرات الإقليمية والتحديات الاقتصادية المتسارعة، تتجاوز أهمية هذه الانتخابات بعدها الإجرائي لتتحول إلى معركة وعي وطني حقيقية، حيث يصبح صوت الناخب هو البوصلة التي توجه مسار التنمية، وتحدد مدى قدرة الدولة على تحقيق أهداف “رؤية مصر 2030”.
لا يقتصر دور مجلس النواب على سنّ القوانين فحسب، بل هو المؤسسة الدستورية التي تضمن سلامة المسار الوطني عبر وظيفتين أساسيتين: التشريع والرقابة.
ففي جانب التشريع، يُعد البرلمان مصنع القوانين التي تنظم حياة المواطنين وتدير عجلة الاقتصاد وتحكم أداء المؤسسات، واختيار نواب يتمتعون بالكفاءة والرؤية يضمن صياغة تشريعات عصرية تواكب التطور العالمي في مجالات الاستثمار، والتحول الرقمي،
وضبط الأسواق، بما يسرّع من تحقيق التنمية المستدامة. فالنائب الواعي والمخلص هو شريك الدولة في صناعة المستقبل.
أما الدور الرقابي للمجلس، فهو صمام الأمان لمسار الدولة، إذ يمارس رقابته على أداء الحكومة والوزارات بهدف تصحيح الأخطاء، وتعزيز الشفافية، وترشيد الإنفاق العام،
ومكافحة الفساد. فصوت الناخب في جوهره ليس تفويضًا لشخص، بل تفويضٌ للمساءلة والمحاسبة، وضمانة لرقابة حقيقية على أداء السلطة التنفيذية.
وتكمن الأهمية الجوهرية للعملية الانتخابية في قدرتها على رفع وعي المواطن السياسي، فهي تُحوّله من متلقٍ سلبي إلى شريك فاعل يقيم الأداء ويحاسب على النتائج. والمشاركة الانتخابية الواعية تتطلب من المواطن دراسة برامج المرشحين،
وتقييم سجلهم الخدمي والتشريعي، والتحقق من مصداقيتهم، بعيدًا عن الشعارات العاطفية أو المصالح الضيقة. فالمواطنة الفاعلة تبدأ من الاختيار الواعي.
كما تُسهم الانتخابات في تعميق فهم المواطن لطبيعة العلاقة بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهو وعي ضروري لتوجيه المطالب نحو الجهة المسؤولة فعلاً، وتحقيق التوازن الدستوري الذي يرسخ الاستقرار.
ولا يمكن إغفال البعد الخارجي لهذه العملية، إذ تُعد المشاركة الواسعة والمنظمة في انتخابات مجلس النواب رسالة واضحة للعالم، تؤكد على استقرار الدولة المصرية وتماسك جبهتها الداخلية،
والتزامها بمسار ديمقراطي رشيد. وهي أيضاً انعكاس لحالة الوعي الجمعي الذي يشكل درع حماية للوطن ضد محاولات التشكيك أو زعزعة الاستقرار.
ختامًا، تبقى انتخابات مجلس النواب استثمارًا في المستقبل، فهي التي تحدد نوعية التشريعات وجودة الرقابة التي ستنعكس على حياة المواطن اليومية. والامتناع عن التصويت ليس حيادًا، بل هو تنازل عن الحق في المشاركة في صنع القرار.
إن الوعي الحقيقي يكمن في إدراك أن صوت كل مصري هو مسؤولية وطنية وأمانة تاريخية تجاه الأجيال القادمة. فلنتوجه إلى صناديق الاقتراع بوعي وثقة، تأكيدًا لدورنا في بناء الجمهورية الجديدة على أسس من العدالة والشفافية والتنمية المستدامة.
حفظ الله مصر حفظ الله الوطن حفظ الله الجيش المصري وشهدائنا الابرار




