بقلم حسن النجار: رقابة انتخابية شاملة تحصّن النزاهة

بقلم | حسن النجار 

لم تعد العملية الانتخابية في مصر مجرد إجراءات اقتراع أو حضور داخل اللجان، بل تحولت إلى منظومة رقابية متكاملة تُدار ميدانيًا وإلكترونيًا في الوقت نفسه. فالهيئة الوطنية للانتخابات باتت اليوم اللاعب الأكثر حضورًا وقدرة على ضبط المشهد الانتخابي، بعدما توسعت مهامها لتشمل متابعة ما يجري على الأرض وما يُنشر على الفضاء الإلكتروني لحظة بلحظة.

وخلال يوم التصويت، لا تكتفي الهيئة بمتابعة القضاة داخل اللجان أو مراقبة ما قد يحدث من مخالفات تقليدية، بل تنتقل إلى مستوى أكثر عمقًا وخطورة، عبر رصد المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي. فكل بث مباشر، كل صورة،

كل ادعاء أو منشور حول ما يحدث أمام اللجان، يدخل فورًا ضمن دائرة التدقيق، لتتحرك الجهات المعنية بشكل فوري للتحقق من الحقيقة على الأرض، دون انتظار أي شكاوى رسمية. وهكذا تحوّل نبض السوشيال ميديا إلى مصدر من مصادر المعلومات التي تعتمد عليها الدولة لضبط العملية الانتخابية.

وبات واضحًا أن التحكم في المعلومات المتداولة لم يعد أمرًا ثانويًا، فالسوشيال ميديا أصبحت جزءًا من العملية الانتخابية نفسها؛ تُستخدم للتأثير والتحريض، أو نشر الشائعات، أو توثيق الوقائع الحقيقية، ما يجعل إدارتها جزءًا محوريًا من ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها.

وفي السياق ذاته، تلعب وزارة الداخلية دورًا تكامليًا في محيط اللجان، حيث يتم ضبط كل التفاصيل الدقيقة. فلا يُسمح بتجمعات يمكن أن تُفسر على أنها محاولة للتأثير على الناخبين،

ولا يُترك أي مشهد يحمل شبهة ضغط سياسي أو اجتماعي أو فوضى بلا تدخل سريع. المشهد برمّته يخضع لإدارة دقيقة تمنع استغلال الأجواء الانتخابية أو تحويلها إلى ساحة صراع أو تراشق.

وتبرز أهمية هذا التنسيق بين الهيئة الوطنية للانتخابات ووزارة الداخلية في ظل التطور السريع لوسائل التأثير الرقمي. فالمعركة الانتخابية لم تعد محصورة في الدعاية أو البرامج، بل امتدت إلى حرب معلومات تُدار على الشبكات. ولهذا فإن سرعة الاستجابة، وتدقيق البيانات،

والتعامل الحاسم مع الشائعات، أصبحت عناصر أساسية لحماية وعي الناخبين وضمان أن يصوّت المواطن بناءً على الحقيقة لا على روايات مضللة. بهذه المنظومة المحكمة، تتقدم مصر نحو نموذج انتخابي أكثر انضباطًا وشفافية، يواكب العصر ويحافظ على استقرار المشهد الديمقراطي.